Translate

الأحد، 25 يناير 2015

الرد عل من يقولون بكفر العالم /ثالثا الجزء الثالث القدر الذى يثبت به الاسلام وبه يحرم دم المسلم

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه 
الحمدُ لله ربُّ العالمين، الحمدُ لله القائلِ:  "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . "النور63 ، الحمدُ لله القائلِ: "  فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ ". الحج 67 " ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ " . لقمان30، وصلّى الله على سيدنا محمّد القائل:" والذي نفسي بيده، لتدخلُن الجنة كلُّكم إلا من أبى، وشَرَدَ على الله كشرود البعير، قالوا: ومن يأبى أن يدخل الجنة؟ فقال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى " . ( 2044 الصحيحة ) ،  وعلى صحابته الكرام المصطفـَين الأخيار، وعلى من سار على دربه واستن بسنته، وأجمع على حُكْمِه الذي أتى به من لدن ربِّه؛ إنّ ربي على صراط  مستقيم  .
اما بعد :
فقد تكلمنا فى الموضوعين السابقين الموضوع الاول  الذى اثبتنا فيه بطلان ما تم الاستناد اليه من هذه الفئة الضالة المضله التى وصلة الى مرحلة فى الغلو لم يصلها اى شخص او جماعه وخلصنا الى عدم وجود دليل لما يدعونه من ان الحكم على الناس فى ديار الكفر بالكفر  وفى الموضوع الثانى ذكرنا حرمة دم المسلم وما ورد عن المحدثين والفقهاء من العلماء ما يفيد ان الحكم على الدار لا يعد تاصيلا للحكم على قاطنى الديار ولم يجد عالم واحد يقول بذلك وبالاستناد الى الادله من القرأن والسنه 
وهنا سنذكر بعض الاحاديث والايات التى تدل على بقاء المسلمين واستمراراهم ياذن الله لهم ويقبضهم ولا يبقى الا الفجار والكفار فى الارض فتقوم عليهم القيامة 
وبالله نستعين ونقول لمن يقول ان الاصل فى الناس الكفر ما سنذكره هنا احاديث وقرأن واراء للعلماء الذين فضلهم الله فى كتابه وامر من لا يعلم بسؤالهم فان انتم اعرضتم عن كتاب الله ولم تأخذوا بما ورد فيه فلتحكموا على انفسكم بمثل ما تحكمون به على عامة المسلمين 
فقد وردت بعض الرددود على منهجهم انقلها لكم لتعرفوا تحويرهم وتحريفهم لايات القرأن الكريم ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم  فنقول :

 بسم الله الرحمن الرحيم 
لايقعدنكم المرجفون فلقد روي عنه ﷺ(سيأتي على الناس زمان يقول فيه قراؤهم ليس هذا بزمان جهاد فمن أدرك ذلك،فنعم زمان الجهاد هو) 
إنه لا ينبغي إغفال دلالة السياق في تفسير النص، وفي بيان مراد المتكّلم من كلامه. 
فهذا الحديث يدل على واقع زماننا  حيث خرج علماء السلاطين وجنود الطواغيت برفضهم لفكر الجهاد ودعوتهم للزوم البيت وايضا نفس منهج هذه الفرقة التى تقول انهم غرباء فهم فى العصر المكى ويبيحون ما يحدث من قتل للمسلمين واغتصاب للاعراض ونهب للاموال فهو عليهم وزر يوم القيامه امام الله عز وجل 
يدل الحديث على ان المسلمون مستمرون وانه عندما يخرج قرأؤكم بمثل هذا القول فهلموا الى الجهاد وهذا يدل على فساد منهج هذه الفئه الضاله التى تقول بلزوم البيت وتكفير عامة المسلمين بما فيهم المجاهدون 
اقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  (لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدرٍ ولا وبر إلا أدخله الله كلمة ا لإسلام، بعز عزيز أو ذلّ ذليل، إما يعزهم الله عز وجلّ فيجعله م من أهلها، أو يذلّهم  فيدينون لها).

وهذا الحديث ايضا يدل على ان الاسلام باقى وسيظل باقى وينتشر وعلى ايدى المجاهدين وبفضل الله الى ان يدخل كل بيت  اما ان يكونوا مسلمين  او بدخولهم الاسلام او يذلهم فيخضعون لاحكامه   فلماذا يغالى هؤلاء الغلاه ويتألون على الله ويحكمون بانه لا يوجد اسلام ولا جهاد   فقد ركنوا الى الدنيا وشهواتها والجلوس على الانترنت ونشر منهجهم الفاسد بل وتفرغوا للجدال والمجادله فقط ولو اشتغلوا بالعلم وطلبوه ممن يملكه لكان افضل لهم وللدعوة للاسلام 
فالكفر بالطاغوت حق، وهو شرط لصحة الإيمان، فهذا أمر مسلَّم به، لا يُجادل فيه موحد.
ولكن المشكلة تكمن عندما يوضع هذا الأمر في غير موضعه، ويُحمل على من لا يجوز أن يُحمل عليه، أو يُحمَّل من المعاني السقيمة المخالفة للشريعة وقواعدها، فيحصل حينئذٍ الإفراط أو التفريط! 

والقول بأن المسلمين في مجتمعاتهم اليوم الأصل فيهم الكفر، ومن لا يكفرهم أو يقول بهذا القول فهو كافر؛ لا يقول به عالم، بل ولا مسلم عاقل يعز عليه دينه، وهو من جملة أقوال ومعتقدات خوارج وغلاة هذا العصر.

فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذاك المسلم له ذمة الله وذمة رسوله) [البخاري]. 
فقد حدد لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  الوضع الظاهر الذى نحكم به على الشخص هل هو مسلم ام كافر  ما دام لم يؤتى بناقض من نواقض الاسلام ولم يجهر بالكفر ولم يظهر موالاته للطواغيت او رضائه بما يفعلونه وبما يحكمون به وبما يشرعونه  فلنا الظاهر فاخبرنا رسولنا ان ذلك هو المسلم  ولا يصح اى تأويل على قول رسول الله  اليس رسول الله اعلم بامته من هؤلاء  والا لو كان صدق ما يقولون لاخبرنا رسولنا عن ذلك وبانكم ستصبحون كافرين حتى لو اظهرتم ذلك  لا والله فقد اخبرنا بالقدر الذى لنا ان نقتصر عليه فى الحكم على الشخص هل هو مسلم ام كافر فلنا الظاهر والله يتولى السرائر 
ولا تقبل تأويلاتهم على كلام رسول الله كان يقولون ان الروافض يصلون فسوف يدخلون فى ذلك الحديث فهذا الرد لا يجوز فالروافض وغيرهم من الفئات الضاله اتو بناقض ظاهر للاسلام فاذا صلوا فى الاماكن التى يقيمون بها او حجوا مع اظهارهم لمنهجهم وبغضهم للصحابه وغيره فهم كفار لا يدخلون فى هذا الحديث  واليس الله ورسوله اعلم بامته  ان هو الا وحى يوحى فرسولنا يخبرنا بالحكم على الناس بالظاهر والظاهر الواضع فى معظم البلاد التى ينتسب اليها المسلمون اقامة شعائر الاسلام كاملة فمن يؤديها ولا يظهر كفر واضح فهو المسلم طبقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم 

وقد أجمع أهل العلم وبناء على الادله الصحيحه الوارده فى الكتاب والسنه ؛ على أن المرء يدخل الإسلام ويُحكم له بالإسلام إذا نطق بشهادة التوحيد، أو رؤي يصلي صلوات عدة، وإن لم يُعرف عنه الإقرار باللسان. 
وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم  أنه قال [من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل]. 
وكذلك ما جرى له صلى الله عليه وسلم  مع عمِّه عند وفاته، لما قال له يا عم قل لا إله إلا الله وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟  عرفوا معناها أن فيها التولي والتبري 
فلو لم يكن للنطق بالشهاده حجة على الحكم على ناطقها بالاسلام مع عدم الاتيان بما يخالفها لما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه ليكون له حجة عند الله فيشفع له رسول الله صلى الله عليه وسلم 
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم  
 [إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم] لما استؤذن في قتل ذو الخويصرة، 
ولما استؤذن في قتل رجل من المنافقين قال: [أليس يشهد أن لا إله إلا الله] قيل: بلي. قال: [أليس يصلي]؟ قيل بلي. قال: [أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم] 
فأخبر  صلى الله عليه وسلم  أنه نهي عن قتل من أظهر الإسلام من الشهادتين والصلاة، وإن ذكر بالنفاق ورمي به وظهرت عليه دلالته إذا لم يثبت بحجة شرعية أنه أظهر الكفر.
وكذلك قوله في الحديث الآخر: [أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله] معناه أني أمرت أن أقبل منهم ظاهر الإسلام، وأكل بواطنهم إلى الله، والزنديق والمنافق إنما يقتل إذا تكلم بكلمة الكفر وقامت عليه بذلك بينة، وهذا حكم بالظاهر لا بالباطن 


قال القرطبي في كتابه "الجامع" [8/207]: (الإيمان لا يكون إلا بلا إله إلا الله دون غيره من الأقوال والأفعال، إلا في الصلاة، قال إسحاق بن راهويه: ولقد أجمعوا في الصلاة على شيء لم يجمعوا عليه في سائر الشرائع، لأنهم أجمعهم قالوا: من عُرف بالكفر ثم رأوه يصلي الصلاة في وقتها حتى يصلي صلوات كثيرة ولم يعلموا منه إقراراً باللسان، أنه يُحكم له بالإيمان) اهـ. 

ومشكلة هؤلاء الغلاة الجهلة   أنهم لا يميزون بين القدر الذي يدخل المرء به الإسلام، وبين القدر الذي به يستمر له حكم الإسلام، وبين القدر الذي يرفع عنه السيف في أجواء القتال!

فالقدر الذي يُدخل المرء الإسلام؛ هو شهادة التوحيد، وكذلك إقامة الصلاة - كما تقدم -

والقدر الذي به يستمر له حكم الإسلام؛ أن يُحافظ على إقامة الصلاة وشعائر الاسلام ، وأن لا يُعرف عنه أنه قد أتى ناقضاً من نواقض الإيمان والتوحيد. 

والقدر الذي يرفع عنه السيف في أجواء القتال؛ أن يقول أي عبارة تدل على أنه يريد الدخول في الإسلام؛ كأن يقول: "صبأت"، أو "السلام عليكم"، أو "أنا منكم"، ونحو ذلك من العبارات، فهذه العبارات لا تُدخل صاحبها في الإسلام، لكنها ترفع عنه السيف في أجواء القتال إلى أن يُعلَّم الكلمات الصحيحة التي تُدخله الإسلام.

لذا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنكر على خالد بن الوليد رضي الله عنه أشد الإنكار لما قتل أولئك النفر الذين قالوا له: "صبأنا، صبأنا"، وكانوا يريدون أن يقولوا أسلمنا، إلا أنهم لم يُحسنوا التعبير فقالوا صبأنا، فلم يقبل منهم خالد رضي الله عنه فقتلهم، فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وتبرأ من فعله، وقال: (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد) - مرتين - وأمر بدفع دية القتلى.

وكذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [النساء: 94]، فأمر الله تعالى بالتثبت والتبين ممن يلقي السلام على المسلمين المجاهدين في أجواء القتال، ويدع قتالهم، وأن لا يستعجلوا قتله، لاحتمال أن يكون مؤمناً أو أنه يريد الدخول في الإسلام، فأخطأ التعبير فابتدأ بالسلام بدلاً من شهادة التوحيد.

كذلك ليس من الإسلام في شيء؛ أن لا تقبل إسلام العباد إلا بعد أن تختبر اعتقادهم، وتحملهم على أقوال واعتقادات معينة، فهذا ليس من دين الله في شيء ولم يقل به عالم معتبر، وهو من قول أهل البدع والزيغ والضلال.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: (ليس من شروط الإتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه، ولا أن يمتحنه؛ فيقول: ماذا تعتقد؟ بل يصلي خلف مستور الحال، وقول القائل لا أصلي خلف من لا أعرفه، كما لا أسلم مالي إلا لمن أعرفه؛ كلام جاهل لم يقله أحد من أئمة الإسلام). 

وقال: (وتجوز الصلاة خلف كل مسلم مستور باتفاق الأئمة الأربعة وسائر أئمة المسلمين، فمن قال: لا أصلي جمعة ولا جماعة إلا خلف من أعرف عقيدته في الباطن، فهذا مبتدع مخالف للصحابة والتابعين لهم بإحسانٍ وأئمة المسلمين الأربعة وغيرهم) اهـ. 

فإذا كانت الصلاة تصح خلف مستور الحال، ولا يُشترط للصلاة خلفه معرفة اعتقاده أو اختباره وامتحانه، فمن باب أولى؛ أن تحكم بإسلامه، وإسلام غيره ممن يُظهرون الإسلام وتجهل اعتقاداتهم، ومن دون أن تختبرهم أو تحملهم على أقوال أو اعتقادات معينة.


ومن الادله التى كانوا يحتجونبها ويكفرون العالم   (أن الأنبياء عليهم السلام جاءوا إلى أقوامهم ودعوهم إلى الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، فمن أجاب حكم له بالإسلام، ومن امتنع بقي على كفره...).

أقول: تلك الأقوام التي بُعثت إليها الأنبياء بدعوة التوحيد، هل كانوا - قبل أن يستجيبوا أو يستجيب بعضهم لدعوة التوحيد - ممن يشهدون أن لا إله إلا الله ويُقيمون الصلاة، أم أنهم كانوا من عبدة الأوثان والطواغيت، وممن يجحدون شهادة التوحيد، ولم يعرفوا طعم الإيمان؟ 

الجواب لا بد أن يكون؛ أنهم كانوا من عبدة الأوثان والطواغيت، وممن يجحدون شهادة التوحيد، ولم يعرفوا الصلاة لله عز وجل ولا طعم الإيمان!

وإن كان الجواب كذلك، أقول: كيف يُحمل حال وواقع من كان من عبدة الأوثان والطواغيت، وممن يجحدون شهادة التوحيد، ولم يعرفوا الصلاة لله عز وجل ولا طعم الإيمان قط، على من أقر بالتوحيد، وأقام الصلاة، ولم يُعرف عنه ما يُنقض توحيده وإيمانه، كما هو حال المسلمين في مجتمعاتهم في هذا الزمان؟! 

لذا فالاستدلال في واد، والمسألة المستدل عليها في وادٍ آخر ومختلف! 

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (ما أعرفُ منكم شيئاً كنت أعهدهُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ليس قولكم لا إله إلا الله!)، قلنا: بلى يا أبا حمزة؛ الصلاة؟ فقال: (قد صليتم حين تغرب الشمس، أفكانت تلك صلاةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!). 

وعن الحسن البصري قال: (لو أنَّ رجلاً أدرك السلف الأول، ثم بُعث اليوم ما عرف من الإسلام شيئاً إلا هذه الصلاة)! 

وعن ميمون بن مهران قال: (لو أنَّ رجلاً أُنشر فيكم من السلف، ما عرف فيكم غير هذه القبلة)! 

وعن أم الدرداء قالت: (دخل عليَّ أبو الدرداء رضي الله عنه وهو غضبان، فقلت له: ما أغضبك؟ فقال: والله ما أعرف فيهم من أمرِ محمدٍ شيئاً إلا أنهم يُصلون جميعاً)! 

وعن عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن حبان بن أبي جبلة، عن أبي الدرداء قال: (لو خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم اليوم، ما عرف شيئاً مما كان عليه هو وأصحابُه إلا الصلاة)! قال الأوزاعي: (فكيف لو كان اليوم؟!)، قال عيسى: (فكيف لو أدرك الأوزاعي هذا الزمان؟!). 

قلت: رغم هذا الواقع المرير الذي ينقله الصحابة والتابعون لهم بإحسان عن مجتمعاتهم التي كانوا يعيشون فيها، وعن غربة الدين في تلك المجتمعات، إلا أنهم لم يكونوا يصفون تلك المجتمعات بالكفر، وأن من فيها كفار مرتدون لا بد من أن يُدعوا من جديد إلى الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، وأن من لا يقول بهذا القول أو يعتقد به؛ فهو كافر مرتد، فهذا لم يفعله الصحابة ولا التابعون، وحاشاهم أن يفعلوا ذلك! 

ومما استدلت به هذه الفرقة الغالية ايضا  قولهم: (وكذلك في عهد مسيلمة الكذاب من كان تحت حكمه فهو في دار الكفر وكل شخص هناك حكمه الكفر حتى يُظهر إسلامه بكفره بالطاغوت مسيلمة والإيمان بالله، ويستدلون بقصة خالد بن الوليد رضي الله عنه مع مُجاعة في ذلك الوقت،حيث لم يعترف خالد بإسلامه لمّا أمسكه لأنه لم ينكر على الطاغوت...).

أقول: كل من كان تحت حكم مسيلمة الكذاب وسلطانه، وتابعه على كفره وكذبه وتكذيبه فهو كافر مرتد، وليس كل من كان تحت حكمه وفي سلطانه كذلك، إذ كان فيهم المكره والمستضعف، والمعتزل لمسيلمة وكفره المظهر لدينه وتوحيده، وهؤلاء لهم حكم آخر.

وخالد أنكر على مجاعة لكونه؛ كان من أعز أهل اليمامة، ولم يبد عذراً، ولم يرسل له رسولاً يخبره إن كان خائفاً من قومه ومن مسيلمة أم لا، مما دل أن خالد بن الوليد رضي الله عنه كان يقيل عثرة من كان هذا وصفه، ومع ذلك فخالد رضي الله عنه لم يحكم بردة مجاعة وعفا عنه، وقال له: (قد عفوت عن دمك، ولكن في نفسي حرج من تركك)، لما رأى من صدق لهجته! 

فإن عُلم ذلك، هل المسلمون في زماننا ممن يشهدون شهادة التوحيد ويقيمون الصلاة، ولم يُعرف عنه ما يُخرجهم من الملة، هم كمن آمن بمسيلمة الكذاب وبنبوته، وكذب محمداً صلى الله عليه وسلم؟! 

فإن كان الجواب: لا - وهو كذلك - عُلم أن الاستدلال في واد وأن المسألة المستدل عليها في وادٍ آخر ومختلف.

ويُمكن أن يُقال كذلك: كان في عهد خالد بن الوليد توجد الدولة الإسلامية والأرض الإسلامية التي يُمكن اللجوء والهجرة إليها، والتي بها يتمايز الصفان، فهل في زماننا توجد الأرض أو الدولة الإسلامية التي نحمل الناس على الهجرة إليها ليتمايز أتباع الطاغوت وجنده ممن سواهم؟! 

فإن قيل: لا... لا يوجد، أقول: إذاً لا تحمل هذا على ذاك ولا تقس عليه! 

ومن ادلتهم التى استدلوا بها على منهجهم  قولهم: (وعندهم الدخول في الإسلام لا يكون بقول لا إله إلا الله فقط، ويردّون على قصة أسامة رضي الله عنه لمّا قتل الرجل، بأن ذمّ النبي صلى الله عليه وسلم له ما كان لأن أسامة قتل مسلماً بعد أن قال كلمة التوحيد، ولو كان الأمر كذلك لأقيم على أسامة الحد، ولمّا لم يحدث ذلك، فهمنا أن الرجل المقتول لم يدخل في الإسلام بنطقه كلمة التوحيد، وأن الذمّ لأسامة كان على شيء آخر وهو التسرّع في القتل مثلاً...). 

أقول: حديث أسامة وعدم إقامة حد القتل على أسامة رضي الله عنه؛ لا يعني ولا يُفيد بأن الذي قال لا إله إلا الله لا يدخل الإسلام، وإنما يُفيد أن من قال لا إله إلا الله يدخل الإسلام ويُرفع عنه السيف في أجواء القتال، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة: (كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة)، أي جاءت تُحاججك وتتشفع لصاحبها وتُجادل عنه، وهي لا تتشفع إلا لمسلم موحد، ولا تُجادل إلا عن مسلم موحد!

فإن قيل: لماذا إذاً لم يقم النبي صلى الله عليه وسلم حد القتل على أسامة؟!

أقول: الذي أقال عثرة أسامة رضي الله عنه أنه كان متأولاً، لا يعلم أن من قال لا إله إلا الله في أجواء القتال ترفع عنه السيف؛ لاحتمال أن يكون متعوذاً قد قالها تقية وفرقاً من القتل لينجو، فلأجل ذلك أقال النبي صلى الله عليه وسلم عثرته بعد أن زجره ذلك الزجر البليغ، حتى أن أسامة رضي الله عنه - لشدة ما أغلظ عليه النبي صلى الله عليه وسلم منكراً عليه سوء صنيعه - قال: (حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم)!

مما يدل على ذلك حديث المقداد بن الأسود - فالسنة تفسر بعضها بعضاً - قال: يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلاً من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله، أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقتله)، قال: فقلت يا رسول الله إنه قد قطع يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها، أفأقتله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال) [متفق عليه].

قال النووي في "الشرح" [2/106]: ("فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال"؛ فأحسن ما قيل فيه وأظهره ما قاله الإمام الشافعي، وابن القصار المالكي وغيرهما، أن معناه فإنه معصوم الدم محرم قتله بعد قوله لا إله إلا الله كما كنت أنت قبل أن تقتله، وإنك بعد قتله غير معصوم الدم ولا محرم القتل كما كان هو قبل قوله لا إله إلا الله) اهـ. 

قلت: كونه معصوم الدم يعني أنه مسلم، وأن قوله أسلمت لله أو لا إله إلا الله قد نفعه وعصم دمه وماله كأي مسلم آخر، والذي جعل الصحابي غير معصوم الدم - لو قتله - هو أن الحجة الشرعية التي تُحرم قتل من كان هذا وصفه قد بلغته، فلم يعد يُعذر بالجهل ولا بالتأويل.

لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم له في المرة الثانية: (فإن قتلته، إنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال).

بينما أسامة رضي الله عنه لم تكن الحجة الشرعية قد بلغته فيما قد خالف فيه مجتهداً، فعُذر بالجهل والتأويل، والله تعالى أعلم.

أما قولهم: (وأيضاً يقولون إن اليهود كانوا يقولون لا إله إلا الله فلم تنفعهم ولم يدخلوا بها الإسلام حتى يخرجوا من كفرهم الذي وقعوا فيه...).

أقول: ليس الأمر كذلك، وإنما الذي حصل أن طائفة من اليهود اتفقوا فيما بينهم على أن يُظهروا الإيمان والصلاة أول النهار، ويُظهروا الكفر والارتداد آخره، ليجرئوا الناس على الردة ويصدوهم عن سبيل الله، كما قال تعالى عنهم: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [آل عمران: 72].

قال ابن كثير في التفسير: (ليقول الجهلة من الناس: إنما ردهم إلى دينهم اطلاعهم على نقيصة وعيب من دين المسلمين). 

ولما أنزل الله تعالى حكم وحد الردة؛ توقفوا عن هذا المكر والكيد، لكن أين الدليل مما تقدم على أن من قال لا إله إلا الله لا تنفعه ولا تدخله الإسلام، فالآية تتكلم عن قوم يُظهرون الإيمان والتوحيد في أول النهار وفي آخره يُظهرون الكفر والردة، والمسألة المستدل عليها، قوم أظهروا شهادة التوحيد وأقاموا الصلاة، ولم يُظهروا ضده من الكفر والشرك والردة؟! 

وبالتالي فالدليل المذكور في واد، والمسألة المختلف عليها في وادٍ آخر ومختلف، لا يحمل هذا على ذاك إلا جاهل من ذوي الجهل المركب. 
وسبحان الله عندما تدخل على صفحاتهم لا تجد الا الجدال وكل شخص له رايه المستقل وكل منهم يجادل الاخر وفى النهايه يشتمون بعضهم البعض  ربنا يهدى من احببنا فى الله الى الخير والحق 
تابعونا لنستكمل البقيه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم
(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))